في وسط حقل وقفت أياح حتب تنظر بعين شاردة الى الافق و هي تعبث بسنبلة
من القمح حتى لاح لها شخص يركض جهتها و ما إن رأته حتى اهتزت فرحا و هرعت إليه حتى
إلتقى الجسدان فحملها و دار بها ثم أسكنها على الارض و جلس بجوارها فصفعته بشدة .
سخمت : آاه عليك اللعنة يا فتاه كفك أقوى من هراوات الهكسوس ، ماذا
فعلت لأستحق هذا .
أياح : و لك القدرة على أن تتحدث أيها الجبان ، لم يمض على رحيلك مع
الجيش سوى شهر هل هزمتم الهكسوس بهذه السرعة ، لا بد انك وليت الأدبار ما إن تلاقى
الجيشان أيها الخرع و عدت و إلا لكان هذا المكان الآن مليئ ببهجة الفرح و الانتصار
.
سخمت : و هل تعلمين عني هذا زهرة اللوتس .
اياح و قد احمر وجهها خجلاً :كفى .
ضربت كفه بلمسة رقيقة و قالت له "كفى"
سخمت و هو يحاول ان يمد ذراعيه ليحتضنها : و هل انا فعلت شيئاً لقد
بدأت للتو .
قفزت بعيداً عنه ثم أدارت له ظهرها ثم عادت له مسرعة و هي تقول
"ألن تحكي لي عن بطولاتك يا سخمت"
سخمت : تريدين أن تسمعي عن البطولة ، كان يجب أن تري جيشنا و قد تحول
تحت إمرة أحمس إلى صقور يقودها حورس بنفسه فألقت بأنفسها على الهكسوس تتلقفهم
قتلاً و تمزيقاً ، قلت لكي أني قفزت أمام العجلات الحربية و هذا حق يقال و قلت لك
أن كفك أثقل من الهراوة و الحق أن الهراوة حقاً كانت أرحم .
يدعك فكه بيده و هو يضحك فتلكمه .
سخمت : لا تؤكدي هذه الحقيقة ههههه .
أياح : هيا أكمل .
سخمت : وسط هذه المعركة المشحونة أمسكت رمحي ، الجبناء لم يتمالكوا
أنفسهم من مفاجئة عجلاتنا المطورة كانت تزيحهم من على الارض و من يبق حيا و مازال
به رغبة للقتال كنت الحقه برمحي ، واجهت احد ابطالهم و لم يكن وحده ، كان يركب
عجلة حربية و معه ثلاثة آخرون على ظهرها ، تفاديته مرة و فالثانية أمسكت بسرج أحد
الأحصنة و تسلقته ، حاول أحدهم إصطيادي بنبلته لكني ألقيت الرمح فسقط صريعاً على
أرض المعركة ، قفزت على ذلك بطل و أخذت ألكمه و انا اعزل فتلقيت تلك الهراوة التي
اطاحتني ، اخذت العربة تهتز لكونها بلا سائق و في غفلة من صاحب الهراوة تلقفتها
منه و دفعته خارجها ، لم يتبق سوى بطلهم و آحر اندفع نحوي فتفاديت طعنته و ضربته
بالهراوة فاندفع على بطلهم و إخذ يخنقني على أحد جوانب العربة ، كنت سألقى مصرعي
لا ريب هنا لكن لابد ان العربة سارت على جثة لأنها اهتزت بشدة فأسرعت و عكست الوضع
و القيت به تحت العجلات و توليت أنا السيطرة .
أياح : هااح يا بطلي .
سخمت : و هل كنت تشكين بي ، اتدرين اني افتديت ملكنا المعظم .
أياح : كيف .
سخمت : فتحت بوابات عاصمتهم لمحت من بعيد أحد اولائك الهكسوس الغادرين
يسدد رمحه ، علمت انه يستهدف أحمس لا ريب فقفزت أمامه و تلقفته .
فزعت أياح و قفزت على سخمت لتتفقده .
أياح : و هل أنت بخير ، دعني أعيد التضميد انا لا أضمن اطباؤكم هؤلاء
هيا .
سخمت : لا لن أستطيع ، يجب أن اذهب اعتذر .
اياح : لا لن تتحرك يجب ان تأكل و تشرب ليلتئم الجرح ، تعال إن استطعت
سأطعمك تمساحاً.
سخمت : تمساااح ، لا انا هارب ، يجب ان اعود لقائد كتيبتي .
أياح : ما ان تنتهي عد إلي اتفقنا .
سخمت : طبعاً ، طبعاً يا عزيزتي .
يركض سخمت مبتعداً تتبعه نظرات أياح التي شاحت عنه لترى شخص ما يتقدم
نحوهها .
محب : انت أياح حتب .
أياح : نعم .
أخرج محب سواراً و ناوله إياها .
أياح : من اين اتيت بهذا لقد أهديته لسخمت و هو خارج للمعركة .
محب : لقد أراد أن يهديك إياه .
أياح : لو كان يريد أن يهديني إياه لأعطاه لي الآن لقد ذه...
محب مقاطعاً: لن يستطيع ان يهديه لك .
نظرت أياح له نظرة يغيم عليها الحزن
أياح : لم .
محب : إن سخمت كان جندياً شجاعاً ، خدم مصر كما ينبغي و لن أكذب إن
قلت انه كان من أسباب النصر .
أياح : تحدث معي لم لن يعطيني اياه .
محب : لقد افتدي سخمت الفرعون بروحه و جثته ستأتي مع الركب بعد يومين
او اكثر .
أياح بعيون أغرقتها المياه : ك...كيف ، لقد كان هنا منذ قليل .
محب : أخشى ان هذا غير ممكن .
أياح : أنت تكذب ، مؤكد تكذب أهذا أحد مقالبه .
محب : أعتذر يجب ان أذهب لأخبر أهل القرية بالأخبار السعيدة و الحزينة
في آن واحد .
لم تتمالك أياح نفسها بعد هذه الصدمات ، وقعت على الأرض ثم اخرجت كل
ما بداخلها في صورة صرخة و بدأت فالبكاء .
بالقرب من هذا المشهد وقف سخمت من وراء حجاب يراقب بعين باكية اقترب
منه أحدهم و وضع يده على كتفه مربتاً فنظر له سخمت ثم انحنى له .
سخمت : سيدي أوزوريس .
أوزوريس: قم يا سخمت ان مثلك من فدائيي مصر لا ينحنون .
نظر سخمت مرة أخرى إلى أياح .
أوزوريس : ستترك وراءك الكثير من الحزن ، اليس كذلك.
نظر له سخمت و حاول أن يتكلم لكن لم يستطع فنظر لأياح مرة أخرى .
أوزوريس : هيا سلم قلبك ل لننهي محاكمتك سريعاً .
سخمت : أتعلم ، لطالما أردت أن اهديها هذا القلب مع حياة سعيدة نحياها
سوياً أفنيها فالسهر على راحتها و راحة أولادنا .
ل : لا تجعل الحزن يسيطر عليك هكذا (تضع القلب على الميزان) ، انظر ،
لم أر قلباً بهذا النقاء منذ فترة .
أوزوريس : ستبدأ الآن حياتك الأبدية ، لا يجب أن تبدأها بالحزن ، أعدك
حينما يأتي وقتها أنها ستمضي أبديتها معك ، أليس هذا أفضل ، الآن تناول قلبك .
يمسك سخمت قلبه و ينظر له .
سخمت : اتعلم ، سأهديها قلبي على كل حال عله يكون الوسيلة التي تجدني
به فالحياة الأخرى .
يلقي سخمت بالقلب فيعبر عبر الحجاب ليظهر بطريقة سحرية أمام أياح
الباكية قلب ذهبي مزخرف بالألوان و الرسوم ، أمسكته أياح ، نظرت إليه ثم إلى
السماء ، مرت نسمه حركت خصلات شعرها ، ابتسمت ابتسامة خفيفة ثم احتضنت هذا القلب .

No comments:
Post a Comment